تمثل المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ) واحدة من أهم الأصول الاستراتيجية للدول الساحلية، حيث تمنحها حقوقاً سيادية لاستغلال الموارد البحرية على امتداد 200 ميل بحري من سواحلها. تعد هذه المناطق ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية هائلة، إذ توفر مصادر غير محدودة من الثروات مثل النفط والغاز والمعادن النادرة ومصائد الأسماك. في هذا السياق، يأتي ترتيب الدول حسب مساحة مناطقها الاقتصادية الخالصة كمعيار بالغ الأهمية لفهم النفوذ البحري والقدرة الاقتصادية المستقبلية للدول الكبرى.
تشير التقديرات الدولية، المعتمدة على بيانات الأمم المتحدة واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، إلى أن الدول التي تمتلك أكبر المناطق الاقتصادية الخالصة ليست بالضرورة الأكبر من حيث المساحة البرية، بل غالباً ما تلعب الجغرافيا والانتشار الاستعماري السابق دوراً حاسماً. على سبيل المثال، فإن لفرنسا والولايات المتحدة مناطق شاسعة تعود لجزر ما وراء البحار، مما يعزز مساحتهما الاقتصادية البحرية بدرجة هائلة.
فيما يلي عرض مفصل لأكبر الدول من حيث مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة، مصنفة حسب التقديرات الدولية الحديثة والمعايير القانونية المعتمدة:
جدول: ترتيب الدول حسب مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة (بالكيلومتر المربع)
| الترتيب | الدولة | المساحة التقريبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة (كم²) |
|---|---|---|
| 1 | فرنسا | 11,691,000 |
| 2 | الولايات المتحدة | 11,351,000 |
| 3 | أستراليا | 8,505,000 |
| 4 | روسيا | 7,566,673 |
| 5 | المملكة المتحدة | 6,805,586 |
| 6 | إندونيسيا | 6,159,032 |
| 7 | كندا | 5,599,077 |
| 8 | اليابان | 4,479,388 |
| 9 | نيوزيلندا | 4,083,744 |
| 10 | البرازيل | 3,660,955 |
1. فرنسا: أكبر قوة بحرية اقتصادية
على الرغم من أن فرنسا ليست من بين أكبر الدول من حيث المساحة البرية، فإنها تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة. يعود ذلك إلى انتشار مستعمراتها السابقة وأراضيها عبر المحيطات، مثل بولينيزيا الفرنسية، غويانا الفرنسية، والريونيون، وغيرها. تمتلك فرنسا مياهاً غنية بالموارد في جميع المحيطات الرئيسية، ما يمنحها موقعاً جيوستراتيجياً فريداً وثروة بحرية ضخمة.
2. الولايات المتحدة: طاقة بحرية هائلة
تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، حيث تتمتع بمنطقة اقتصادية خالصة شاسعة تمتد على طول سواحل المحيط الأطلسي والهادئ، بالإضافة إلى ألاسكا، وجزر المحيط الهادئ مثل غوام وهاواي. توفر هذه المساحات إمكانيات هائلة في مجالات الطاقة المتجددة، وصيد الأسماك، والنقل البحري.
3. أستراليا: قارة بحرية
بفضل موقعها الجغرافي كجزيرة قارية، تمتلك أستراليا واحدة من أكبر المناطق الاقتصادية البحرية، وتتميز مياها بالثراء البيولوجي والشعاب المرجانية، أبرزها الحاجز المرجاني العظيم. تعتبر هذه المنطقة مركزاً رئيسياً للتنوع البيولوجي البحري ومصدراً مهماً للثروات المعدنية تحت البحر.
4. روسيا: القوة البحرية في الشمال
رغم أن شهرة روسيا تركز غالباً على قوتها البرية، إلا أن لها حضوراً بحرياً قوياً خاصة في المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهادئ. تمتد منطقتها الاقتصادية الخالصة على طول السواحل الروسية الشاسعة، ما يمنحها إمكانية كبيرة لاستغلال احتياطيات النفط والغاز تحت الجليد في القطب الشمالي.
5. المملكة المتحدة: إرث استعماري مستمر
النفوذ البحري البريطاني ناتج عن تركة واسعة من الأراضي والجزر فيما وراء البحار، مثل برمودا وجبل طارق وجزر فوكلاند، مما يمنحها منطقة اقتصادية ضخمة تتجاوز حجمها البري بأضعاف. تعتمد بريطانيا على هذه المناطق لدعم استراتيجيتها البحرية والتجارية العالمية.
6. إندونيسيا: أرخبيل بثروة بحرية
كأكبر أرخبيل في العالم، تتمتع إندونيسيا بموقع فريد يجعلها من أكثر الدول غنىً بالموارد البحرية. تنتشر مياهها في مفترق طرق التجارة البحرية بين آسيا والمحيطين الهندي والهادئ، ما يمنحها موقعاً استراتيجياً وثروات بحرية ضخمة.
7. كندا: سواحل طويلة وموارد وفيرة
تمتلك كندا سواحل تمتد على ثلاثة محيطات، ما يساهم في امتلاكها واحدة من أكبر المناطق الاقتصادية الخالصة. تقدم هذه المناطق فرصاً واسعة لصيد الأسماك، والتعدين البحري، واستكشاف موارد الطاقة.
8. اليابان: قوة بحرية تكنولوجية
تغطي المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان مساحات واسعة من المحيط الهادئ، وهي دولة تعتمد بشكل كبير على الموارد البحرية سواء في الغذاء أو في التكنولوجيا المتعلقة بالمحيطات. رغم صغر حجمها البري، فإن امتدادها البحري يضاعف قدرتها الاقتصادية.
9. نيوزيلندا: الجنة البحرية الجنوبية
بفضل موقعها في جنوب المحيط الهادئ وبعدها الجغرافي عن التكتلات السكانية، تحتفظ نيوزيلندا بمنطقة بحرية ضخمة غنية بالموارد، وتشكل هذه المساحة مورداً استراتيجياً للاقتصاد الوطني، خاصة في مجالات الصيد البحري والطاقة المتجددة.
10. البرازيل: بوابة أمريكا الجنوبية البحرية
تسعى البرازيل إلى تعزيز نفوذها في المحيط الأطلسي الجنوبي من خلال تطوير بنيتها التحتية البحرية وتوسيع استثماراتها في الموارد البحرية. تلعب منطقة “البلو أمازون” (Amazon Azul) دوراً محورياً في السياسة الاقتصادية البرازيلية.
الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للمناطق الاقتصادية الخالصة
تُعتبر المناطق الاقتصادية الخالصة مصدر قوة استراتيجية وجيوسياسية للدول. فهي توفر الموارد الطبيعية كالنفط والغاز والمعادن، وتشكل مناطق حيوية للأمن الغذائي من خلال الثروة السمكية. كما تسمح بإقامة مشاريع ضخمة في الطاقة المتجددة مثل مزارع الرياح البحرية، وتؤمن ممرات تجارية بحرية ذات أهمية متزايدة في الاقتصاد العالمي.
النزاعات البحرية المتعلقة بالمناطق الاقتصادية
تشهد بعض هذه المناطق توترات دبلوماسية ونزاعات حدودية، كما هو الحال في بحر الصين الجنوبي، حيث تتنازع عدة دول على نفس المنطقة البحرية الغنية بالموارد. كما أن بعض الدول تطالب بتوسيع مناطقها الاقتصادية استناداً إلى الامتداد القاري لقاع البحر، وفقاً لقواعد قانون البحار.
المراجع:
-
United Nations Convention on the Law of the Sea (UNCLOS)
-
CIA World Factbook – Maritime claims
-
Marine Regions Database – EEZ Boundaries
-
Food and Agriculture Organization (FAO) – Ocean Economy Reports
-
National Oceanic and Atmospheric Administration (NOAA)
هذا التصنيف لا يعكس فقط اتساع سيطرة الدول على المساحات البحرية، بل أيضاً قدرتها على إدارة واستغلال هذه الموارد بفعالية لتعزيز اقتصادها وأمنها القومي. وفي ظل التحديات البيئية والجيواستراتيجية المتصاعدة، تبقى المنطقة الاقتصادية الخالصة عاملاً محورياً في رسم ملامح النفوذ العالمي.
